القدس: دعا مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين العالم أجمع إلى دعم جهود سيادة الرئيس محمود عباس "أبو مازن" حفظه الله في السعي لتحقيق إرادة الشعب الفلسطيني وتطلعاته بالحرية والاستقلال، وتجديد التأكيد على الثوابت الفلسطينية، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير، وإقامة الدولة المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، وإلزام إسرائيل بوقف عدوانها على أرضنا ومقدساتنا وأبناء شعبنا.
من جانب آخر؛ حذر المجلس من مخططات أسرلة التعليم الفلسطيني واستهدافه في القدس وسائر الأراضي الفلسطينية، من خلال محاولة سلطات الاحتلال فرض المنهاج التعليمي الصهيوني بصورة تدريجية، عامدة بذلك إلى تشويه الحقائق، ومن ذلك الإساءة لديننا الحنيف وللأنبياء والرسل والحضارة العربية والإسلامية، وتزييف الحقائق التاريخية، وطمس مادة العقيدة الإسلامية وتشويهها، وإلغاء المنهاج الفلسطيني وإغلاق المدارس وهدمها، ومحاولات فرض المنهاج الإسرائيلي على الطلاب الفلسطينيين الذين يدرسون في مدارس القدس، مبيناً أن هذا ما هو إلا إجراء ضمن سلسلة الإجراءات التي بدأت تتخذها سلطات الاحتلال تجاه المدارس الخاصة والأهلية، لتسويق الرواية الصهيونية، اعتماداً على رواية "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض" الباطلة، وفرضاً لسياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين، بأساليب مختلفة ووفق سياسة الترغيب والترهيب التي تتبعها بحق المدارس المقدسية والكادر التدريسي فيها، داعياً المؤسسات الدولية والحقوقية المدافعة عن القيم الإنسانية إلى اتخاذ موقف إزاء ما يحصل في القدس من انتهاكات وسياسات عنصرية واحتلالية وخطط ممنهجة لطمس معالم الذاكرة، وتشويه الهوية الوطنية والثقافية، والتعدي على المنهاج الذي يعد شأناً سيادياً بامتياز.
وعلى صعيد ذي صلة، أدان المجلس قيام المتطرف (يهودا غليك) بالنفخ بالبوق في مقبرة باب الرحمة، وبث ذلك عبر عدد من وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى قيام أحد المتطرفين باقتحام المسجد الأقصى المبارك، وأداء طقوس تلمودية بلباس توراتي، وأضاف المجلس أن هذه السلطات التي تسمح للمتطرفين اليهود باقتحام المسجد الأقصى المبارك بلباس فاضح، وتؤمن لهم الحماية، تمارس سياستها العدوانية ضد الشخصيات الدينية والوطنية المقدسية، لإسكات الأصوات الداعية إلى الدفاع عن الأرض والمقدسات والشعب الفلسطيني، إلى جانب منعها إصلاح نظام الصوتيات في المصلى القبلي، داخل المسجد الأقصى المبارك، وغير ذلك من الممارسات والاعتداءات الممنهجة مشيراً إلى أن اقتحامات المستوطنين المتطرفين تتزامن مع ذكرى انتفاضة الأقصى المبارك الثانية والعشرين التي اندلعت عقب اقتحام المتطرف شارون لساحات المسجد الأقصى المبارك، في 29/9/2000م، وبيّن المجلس أن هذه الانتهاكات خطيرة وغير مسؤولة، وتسوق المنطقة والعالم بأسره نحو حتمية صراع ديني، بسبب المساس بالمعتقدات والمقدسات والاعتداء على حقوق الشعوب والأمم.
وحذر المجلس من الدعوات العدوانية لاقتحام المسجد الأقصى المبارك، من قبل المتطرفين اليهود بحجة الأعياد اليهودية، داعياً أبناء شعبنا إلى شد الرحال إليه، والرباط فيه؛ لتفويت فرصة استفراد الاحتلال ومستوطنيه به.
ومن ناحية أخرى، أدان المجلس سياسة التطهير العرقي التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ولا سيما في منطقة مسافر يطا؛ حيث يواجه نحو 1200 فلسطيني خطر التهجير لصالح الاستيطان والتدريب العسكري، بعد قرار ما تسمى بمحكمة الاحتلال العليا في مايو/ أيار الماضي، الذي يعطي الضوء الأخضر لأكبر عمليات تهجير منذ عام 1967، تجري لأهلنا هناك الذين يتعرضون للتهديد والتضييق المستمر منذ عقود طويلة، كهدم المنازل، ومنع البناء، وتسميم المراعي، وحرق المزروعات، والتدريبات العسكرية التي تهدد أمن المواطنين وحياتهم، والاعتداءات المتكررة من جنود الاحتلال ومستوطنيه، مؤكداً على أن العدوان على شعبنا وأرضه ومقدساته لن يزيدنا إلا إصراراً على البقاء والتمسك بثوابتنا الدينية والوطنية، محملاً سلطات الاحتلال والإدارة الأمريكية المنحازة والمؤيدة لسياساتها وإجراءاتها التوسعية والعنصرية المسؤولية كاملة عن تأجيج الصراع في المنطقة.
وفيما يتعلق بالأسرى البواسل؛ حمَّل المجلس سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى، وبخاصة الأسير البطل ناصر أبو حميد الذي يعاني من وضع صحي حرج، وكذلك الأسرى المرضى والمضربين عن الطعام، حيث يستعد نحو 30 أسيراً إدارياً لخوض معركة الإضراب المفتوح عن الطعام في سجون الاحتلال رفضاً للاعتقال الإداري، مبيناً أنهم يتعرضون لأبشع أنواع التنكيل والقمع والاعتداء على حريتهم، مؤكداً على أن ما يتعرض له أسرانا في سجون الاحتلال هو جريمة حرب، تتعارض مع الشرائع السماويــــــة والقوانين الدوليـــة، وقـــــــال: إن مواصــلة ســــلطات الاحتلال لسياساتها الإجرامية تجاه الأسرى بما في ذلك الإهمال الطبي المتعمد وارتكاب الأخطاء الطبية، دليل على خطورة الأوضاع في سجون الاحتلال والمعتقلات الإسرائيلية، داعياً إلى ضرورة تلبية حقوقهم الإنسانية والوقوف الجدي والفاعل إلى جانبهم، من أجل إيصال رسائلهم ومساندة حقهم في الحرية والعدالة والكرامة، ودعا المجتمع الدولي إلى التدخل من أجل الضغط على سلطات الاحتلال لوقف الجرائم المتعمدة التي تقترفها ضد الأسرى الفلسطينيين، وضمان معاملتهم بشكل إنساني، ومحاسبتها على جرائمها واعتداءاتها على حقوق الشعب الفلسطيني وأسراه ومسراه وأرضه وزرعه ومقدساته.
وعلى صعيد مختلف؛ دعا المجلس أبناء شعبنا المرابط إلى الوحدة، ورص الصفوف، وتجنب إراقة الدماء، مشيراً إلى حرمة الاقتتال بين أبناء الشعب الفلسطيني، ومناشداً الجميع التمسك بالثوابت والوحدة والأخوة والاعتصام بكتاب الله تبارك وتعالى، مطالباً أبناء شعبنا كافة وبخاصة في محافظتي نابلس وجنين، بضرورة التحلي بالحكمة والصبر، ووضع مصالح الوطن على رأس الأولويات، مذكراً الجميع بما يعانيه الشعب الفلسطيني من ضغوط تهدف إلى النيل من وحدته وإرادته وكسر شوكته.
جاء ذلك خلال عقد جلسة المجلس (210)، برئاسة سماحة الشيخ محمد حسين، المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى، وتخلل الجلسة مناقشة المسائل الفقهية المدرجة على جدول أعمالها، وذلك بحضور أصحاب الفضيلة أعضاء المجلس من مختلف محافظات الوطن.
|